نقل \ نهال محمد
مئات الآلاف من الصهاينة يجتاحون شوارع المدن الكبري في فلسطين المحتلة عام1948 لأول مرة منذ إنشاء الكيان الصهيوني حتي الآن, مطالبين حكومتهم بالعدالة الاجتماعية, بعد أن أصابهم وهج الثورة المصرية الكبري فحاولوا استخدام آلياتها المتمثلة في الكتل الجماهيرية الضخمة التي تضغط سلميا من أجل تحقيق مطالبها,
في محاولة لإصلاح الاختلالات الاقتصادية ـ الاجتماعية التي تفاقمت لديهم في السنوات الأخيرة.
وهذه التظاهرات الهائلة قياسا لحجم الكيان الصهيوني, هي انكسار عملاق لطبيعة هذا الكيان الذي ظل منذ إنشائه وحتي انفجار الثورة المصرية الكبري في25 يناير من العام الجاري, محصنا ضد الاضطرابات أو الثورات الاجتماعية الكبري, رغم حدوث بعض الإضرابات المحدودة هنا أو هناك. وكانت كل الفئات المتناقضة المصالح في هذا الكيان, موحدة بزعم وجود تهديد عربي يشكل خطرا داهما علي الجميع ويستوجب وحدة كل الموجودين فيه ووضع تناقضاتهم الداخلية جانبا, لمواجهة ذلك الخطر المزعوم.
وساعدت علي ذلك, طبيعة هذا الكيان الذي نشأ بالاغتصاب عبر مؤامرة دولية كبري تم خلالها اغتصاب أرض فلسطين العربية وتشريد شعبها الذي يوجد حاليا قرابة7 ملايين من أبنائه بين مشرد ولاجئ. فتلك النشأة للكيان الصهيوني باغتصاب أرض الشعب الفلسطيني, من خلال مجموعات من العصابات المنظمة والمسلحة حتي الأسنان والممولة من أثرياء الصهاينة ومن القوي الاستعمارية الكبري, جعلت الصهاينة الذين احتلوا فلسطين في حالة عسكرة وتجييش دائمين, وجعلت هذا الكيان أقرب ما يكون إلي المؤسسة العسكرية منه إلي المجتمع الطبيعي, وذلك لمواجهة غضبة الشعب الفلسطيني العربي الذي اغتصبت أراضيه من قبل ذلك الكيان, ولمواجهة دول الجوار العربية التي تشكل عمقا اجتماعيا وحضاريا لفلسطين, والتي يشكل وجود الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وارتباطه برباط حياة مع الدول الاستعمارية وأهدافها المتعلقة بتمزيق الوطن العربي وبث الفرقة بين شعوبه ودوله وضرب أي نموذج تنموي وحدوي قوي يظهر علي أرضه, تهديدا دائما لها ولطموحاتهم للاستقلال والتطور.
وقد تمكن الكيان الصهيوني من تفادي الاضطرابات والثورات الاجتماعية داخله, بسبب اتباع سياسات اقتصادية ـ اجتماعية اتسمت بوجود دور كبير للحكومة في الاقتصاد وفي ضمان مستوي مرتفع من التشغيل ومن وجود نظم للأجور والضرائب ودعم الخدمات العامة والتحويلات, أسهمت لعدة عقود في تحقيق درجة من التوازن في توزيع الدخل وفي مكافحة الفقر.
واتسمت أيضا بوجود دور مهم وحاسم أحيانا لاتحاد النقابات العمالية الهستدروت في الحياة السياسية بما ضمن للحكومات المتعاقبة, رضاء العمال بدرجة عالية عن سياسات الحكومة, حتي منتصف سبعينيات القرن العشرين علي الأقل, ثم رضاءها بدرجة أقل بعد ذلك, إلي أن وصلت أخيرا إلي حالة الرفض لتلك السياسات.
كما تكفلت المساعدات الخارجية الهائلة التي حصل عليها الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة راعيته الرئيسية, ومن تبرعات الصهاينة في الغرب, ومن التعويضات الألمانية الضخمة التي ما زالت تتدفق عليه وستستمر كذلك حتي عام...2030 تكفلت تلك المساعدات برفع مستويات المعيشة في الكيان الصهيوني بصورة هائلة لا تتناسب إطلاقا مع حجم وتطور الناتج المحلي, وتكفلت أيضا باستيعاب المهاجرين اليهود الذين تدفقوا عليه من مختلف بلاد الدنيا. وهذه الأدوار التي قامت بها المساعدات والتحويلات الأجنبية للكيان الصهيوني غطت علي المظالم الاجتماعية وقللت حجمها وفاعليتها.
وتجدر الإشارة إلي أنه رغم أن الكيان الصهيوني تمكن من توظيف جبال المساعدات التي حصل عليها في إطار عملية إنشائه ومن بعدها إلي الآن, أصبح يصنف من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين مع الدول المرتفعة الدخل, حيث بلغ ناتجه المحلي الإجمالي نحو195 مليار دولار عام2009, وبلغ متوسط نصيب الفرد منه نحو26 ألف دولار... رغم ذلك ما زال هذا الكيان يتلقي من الخارج أحجاما ضخمة من التحويلات التي لا ترد.
لكن تحول الكيان الصهيوني إلي سياسات تحرير الاقتصاد وخصخصة القطاع العام منذ عقدين من الزمن تقريبا, أدي إلي تزايد الاختلال في توزيع الدخل ليتزايد ثراء الطبقة العليا وحصتها من الدخل, ويتزايد فقر الفقراء في ظل تراجع سياسات دولة الرفاهية, والاعتماد بدلا منها علي سياسات اقتصادية رأسمالية حرة, وتقليص دور الحكومة في الحماية الاجتماعية, وتخفيف الضرائب المفروضة علي الطبقة العليا, وبعد أن كانت الشريحة العليا من الضرائب عام2000 نسبتها50% علي الأفراد الذين يزيد دخل الواحد منهم عن نحو55 ألف دولار في العام, ونحو36% علي الشركات, تراجعت تلك الضرائب لتبلغ46% علي الأفراد الذين يزيد دخل الواحد منهم عن110 آلاف دولار, وتراجعت الضريبة علي الشركات لتبلغ26% فقط في الوقت الحالي.
وشكل سوء توزيع الدخل عنصرا مهما في تغذية الاحتقانات الاجتماعية في الكيان الصهيوني والتي تصاعدت لدرجة لم تعد فكرة الاحتشاد الداخلي لمواجهة التهديدات الخارجية بقادرة علي إيقافها ومنع تحولها لانتفاضة أو ثورة علي الحكومة. وتشير بيانات البنك الدولي إلي أن أفقر20% في الكيان الصهيوني حصلوا علي مجرد5.7% من الدخل, بينما حصل أغني20% علي44.9% من الدخل, ومن المرجح أن الواقع أسوأ بكثير بسبب وجود دخول غير مرئية في تجارة السلاح والمخدرات والنشاطات غير المشروعة عموما والتي تذهب غالبيتها الساحقة للطبقة العليا. كما شكلت ارتفاعات الأسعار وبالذات أسعار المساكن, عاملا مهما في تفجير الاضطرابات الاقتصادية ـ الاجتماعية الحالية في الكيان الصهيوني.
وكان لافتا أن يصف رئيس الهستدروت عوفر عيني, الكيان الصهيوني بأنه تحول إلي دولة رأسمالية خنزيرية, في وصف تحقيري للنظام الرأسمالي الصهيوني الراهن الذي يعمل في صالح الرأسمالية الكبيرة علي حساب مصالح العاملين بأجر.
لقد انكسرت في التظاهرات الصهيونية الضخمة, دعامة رئيسية من دعائم الكيان الصهيوني وهي وحدة العصابة التي اتسم بها منذ إنشائه باغتصاب أرض الشعب الفلسطيني, وهو أثر أنتجه النموذج الثوري المصري الرائع, وربما تكون تأثيراته علي مستقبل الكيان الصهيوني, أعمق من كل ما استطاعت تحقيقه, النظم العربية الفاشلة في مواجهة ذلك الكيان الذي نشأ بالاغتصاب ويستمر بالعدوان.
وهذه التظاهرات الهائلة قياسا لحجم الكيان الصهيوني, هي انكسار عملاق لطبيعة هذا الكيان الذي ظل منذ إنشائه وحتي انفجار الثورة المصرية الكبري في25 يناير من العام الجاري, محصنا ضد الاضطرابات أو الثورات الاجتماعية الكبري, رغم حدوث بعض الإضرابات المحدودة هنا أو هناك. وكانت كل الفئات المتناقضة المصالح في هذا الكيان, موحدة بزعم وجود تهديد عربي يشكل خطرا داهما علي الجميع ويستوجب وحدة كل الموجودين فيه ووضع تناقضاتهم الداخلية جانبا, لمواجهة ذلك الخطر المزعوم.
وساعدت علي ذلك, طبيعة هذا الكيان الذي نشأ بالاغتصاب عبر مؤامرة دولية كبري تم خلالها اغتصاب أرض فلسطين العربية وتشريد شعبها الذي يوجد حاليا قرابة7 ملايين من أبنائه بين مشرد ولاجئ. فتلك النشأة للكيان الصهيوني باغتصاب أرض الشعب الفلسطيني, من خلال مجموعات من العصابات المنظمة والمسلحة حتي الأسنان والممولة من أثرياء الصهاينة ومن القوي الاستعمارية الكبري, جعلت الصهاينة الذين احتلوا فلسطين في حالة عسكرة وتجييش دائمين, وجعلت هذا الكيان أقرب ما يكون إلي المؤسسة العسكرية منه إلي المجتمع الطبيعي, وذلك لمواجهة غضبة الشعب الفلسطيني العربي الذي اغتصبت أراضيه من قبل ذلك الكيان, ولمواجهة دول الجوار العربية التي تشكل عمقا اجتماعيا وحضاريا لفلسطين, والتي يشكل وجود الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وارتباطه برباط حياة مع الدول الاستعمارية وأهدافها المتعلقة بتمزيق الوطن العربي وبث الفرقة بين شعوبه ودوله وضرب أي نموذج تنموي وحدوي قوي يظهر علي أرضه, تهديدا دائما لها ولطموحاتهم للاستقلال والتطور.
وقد تمكن الكيان الصهيوني من تفادي الاضطرابات والثورات الاجتماعية داخله, بسبب اتباع سياسات اقتصادية ـ اجتماعية اتسمت بوجود دور كبير للحكومة في الاقتصاد وفي ضمان مستوي مرتفع من التشغيل ومن وجود نظم للأجور والضرائب ودعم الخدمات العامة والتحويلات, أسهمت لعدة عقود في تحقيق درجة من التوازن في توزيع الدخل وفي مكافحة الفقر.
واتسمت أيضا بوجود دور مهم وحاسم أحيانا لاتحاد النقابات العمالية الهستدروت في الحياة السياسية بما ضمن للحكومات المتعاقبة, رضاء العمال بدرجة عالية عن سياسات الحكومة, حتي منتصف سبعينيات القرن العشرين علي الأقل, ثم رضاءها بدرجة أقل بعد ذلك, إلي أن وصلت أخيرا إلي حالة الرفض لتلك السياسات.
كما تكفلت المساعدات الخارجية الهائلة التي حصل عليها الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة راعيته الرئيسية, ومن تبرعات الصهاينة في الغرب, ومن التعويضات الألمانية الضخمة التي ما زالت تتدفق عليه وستستمر كذلك حتي عام...2030 تكفلت تلك المساعدات برفع مستويات المعيشة في الكيان الصهيوني بصورة هائلة لا تتناسب إطلاقا مع حجم وتطور الناتج المحلي, وتكفلت أيضا باستيعاب المهاجرين اليهود الذين تدفقوا عليه من مختلف بلاد الدنيا. وهذه الأدوار التي قامت بها المساعدات والتحويلات الأجنبية للكيان الصهيوني غطت علي المظالم الاجتماعية وقللت حجمها وفاعليتها.
وتجدر الإشارة إلي أنه رغم أن الكيان الصهيوني تمكن من توظيف جبال المساعدات التي حصل عليها في إطار عملية إنشائه ومن بعدها إلي الآن, أصبح يصنف من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين مع الدول المرتفعة الدخل, حيث بلغ ناتجه المحلي الإجمالي نحو195 مليار دولار عام2009, وبلغ متوسط نصيب الفرد منه نحو26 ألف دولار... رغم ذلك ما زال هذا الكيان يتلقي من الخارج أحجاما ضخمة من التحويلات التي لا ترد.
لكن تحول الكيان الصهيوني إلي سياسات تحرير الاقتصاد وخصخصة القطاع العام منذ عقدين من الزمن تقريبا, أدي إلي تزايد الاختلال في توزيع الدخل ليتزايد ثراء الطبقة العليا وحصتها من الدخل, ويتزايد فقر الفقراء في ظل تراجع سياسات دولة الرفاهية, والاعتماد بدلا منها علي سياسات اقتصادية رأسمالية حرة, وتقليص دور الحكومة في الحماية الاجتماعية, وتخفيف الضرائب المفروضة علي الطبقة العليا, وبعد أن كانت الشريحة العليا من الضرائب عام2000 نسبتها50% علي الأفراد الذين يزيد دخل الواحد منهم عن نحو55 ألف دولار في العام, ونحو36% علي الشركات, تراجعت تلك الضرائب لتبلغ46% علي الأفراد الذين يزيد دخل الواحد منهم عن110 آلاف دولار, وتراجعت الضريبة علي الشركات لتبلغ26% فقط في الوقت الحالي.
وشكل سوء توزيع الدخل عنصرا مهما في تغذية الاحتقانات الاجتماعية في الكيان الصهيوني والتي تصاعدت لدرجة لم تعد فكرة الاحتشاد الداخلي لمواجهة التهديدات الخارجية بقادرة علي إيقافها ومنع تحولها لانتفاضة أو ثورة علي الحكومة. وتشير بيانات البنك الدولي إلي أن أفقر20% في الكيان الصهيوني حصلوا علي مجرد5.7% من الدخل, بينما حصل أغني20% علي44.9% من الدخل, ومن المرجح أن الواقع أسوأ بكثير بسبب وجود دخول غير مرئية في تجارة السلاح والمخدرات والنشاطات غير المشروعة عموما والتي تذهب غالبيتها الساحقة للطبقة العليا. كما شكلت ارتفاعات الأسعار وبالذات أسعار المساكن, عاملا مهما في تفجير الاضطرابات الاقتصادية ـ الاجتماعية الحالية في الكيان الصهيوني.
وكان لافتا أن يصف رئيس الهستدروت عوفر عيني, الكيان الصهيوني بأنه تحول إلي دولة رأسمالية خنزيرية, في وصف تحقيري للنظام الرأسمالي الصهيوني الراهن الذي يعمل في صالح الرأسمالية الكبيرة علي حساب مصالح العاملين بأجر.
لقد انكسرت في التظاهرات الصهيونية الضخمة, دعامة رئيسية من دعائم الكيان الصهيوني وهي وحدة العصابة التي اتسم بها منذ إنشائه باغتصاب أرض الشعب الفلسطيني, وهو أثر أنتجه النموذج الثوري المصري الرائع, وربما تكون تأثيراته علي مستقبل الكيان الصهيوني, أعمق من كل ما استطاعت تحقيقه, النظم العربية الفاشلة في مواجهة ذلك الكيان الذي نشأ بالاغتصاب ويستمر بالعدوان.
1 التعليقات:
ان شاء الله نتغلب على يهود
http://www.kochikayen.com
إرسال تعليق